فصل: الشاهد السادس بعد السبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.ولاية الأفضل عباس بن المجاهد علي.

ولما توفي المجاهد سنة ست وستين ولي بعده ابنه عباس واستقام له ملك اليمن إلى أن هلك سنة ثمان وسبعين لاثنتي عشرة سنة من ملكه والله تعالى أعلم.

.ولاية المنصور محمد بن الأفضل عباس.

ولما توفي الأفضل عباس بن المجاهد سنة ثمان وسبعين ولي بعده ابنه المنصور محمد واستولى على أمره واجتمع جماعة من مماليكه سنة اثنتين وثمانين للثورة به وقتله وأطلع على شأنهم فهربوا إلى الدملوة وأخذهم العرب في طريقهم وجاؤا بهم وعفا عنهم واستمر في ملكه إلى أن هلك والله تعالى أعلم.

.ولاية أخيه الأشرف بن الأفضل عباس.

ولما توفي المنصور محمد بن الأفضل سنة ولي أخوه الأشرف إسمعيل واستقام أمره وهو صاحب اليمن لهذا العهد لسنة ست وتسعين والله وارث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.

.الخبر عن دولة التتر من شعوب الترك وكيف تغلبوا على الممالك الإسلامية وانتزوا على كرسي الخلافة ببغداد وما كان لهم من الدول المفترقة وكيف أسلموا بعد ذلك ومبدأ أمورهم وتصاريف أحوالهم.

قد تقدم لنا ذكر التتر وأنهم من شعوب الترك وأن الترك كلهم ولد كومر بن يافث على الصحيح وهو الذي وقع في التوراة.
وتقدم لنا ذكر أجناس الترك وشعوبهم وعددنا منهم الغز الذين منهم السلجوقية والهياطلة الذين منهم القلج وبلاد الصغد قريبا من سمرقند ويسمون بها أيضا وعددنا منهم الخطا والطغر غر وهم التتر وكانت مساكن هاتين الأمتين بأرض طمغاج ويقال أنها بلاد تركستان وكاشغر وما إليها من وراء النهر وهي بلاد ملوكهم في الإسلام وعددنا منهم الخزلجية والغور والخزر والخفشاج وهم القفجاق ويمك والعلان ويقال الآن وجركس واركش وعد صاحب روجار في كتابه على الجغرافيا العسسه والتغز غزية والخر خيرية والكيماكية والخزلجية والخزر والخلج وبلغار ويمناك وبرطاس وسنجرت وخرجان وأنكر وذكر مساكن أنكر في بلاد البنادقة من أرض الروم وجمهور هذه الأمم من الترك فيما وراء الهز شرقا إلى البحر المحيط بين الجنوب والشمال من الأقليم الأول إلى السابع والصين في وسط بلادهم.
وكانت الصين أولا لبني صيني إخوانهم من بني يافث ثم صار لهم واستولوا على معظمه إلا قليلا من أطرافه على ساحل البحر وهم رجاله كما مر في ذكرهم أول الكتاب وفي دولة السلجوقية وأكثرهم من المفارزة التي بين الصين وبلاد تركستان وكان لهم قبل الإسلام دولة ولهم مع الفرس حروب مذكورة وملكهم لذلك العهد في بني فراسيان.
وكان بينهم وبين العرب لأول الفتح حروب طويلة قاتلوهم على الإسلام فلم يجيبوا فأثخنوا فيهم وغلبوهم على أطراف بلادهم وأسلم ملوكهم على بلادهم وذلك من بعد القرن الأول.
وكانت لهم في الإسلام دولة ببلاد تركستان وكاشغر ولا أدري من أي شعوبهم كان هؤلاء الملوك.
وقد قيل فيهم أنهم من ولد قراسيان ولا يعرف شعب فراسيان فيهم وكان هؤلاء الملوك يلقبون بالخاقان بالخاء والقاف سمة لكل من يملك منهم مثل كسرى للفرس وقيصر للروم وأسلم ملوكهم بعد صدر من الملة على بلادهم وملكهم فأقاموا بها وكان بينهم وبين بني سامان الملوك القائمين فيما وراء النهر وبدولة بني العباس حرب وسلم اتصلت حالهم عليها إلى أن تلاشت دولتهم ودولة بني سامان جميعا وقام محمود بن سبكتكين من موالي بني سامان بدولتهم وملكهم فيما وراء النهر وخراسان.
وقد ظهر لذلك العهد بنو سلجوق وغلبوا ملوك الترك على أمرهم وأصبحوا في عداد ولاتهم شأن الدول البادية الجديدة مع الدول القديمة الحاضرة ثم قارعوا بني سبكتكين وغلبوهم على ملكهم فيما بعد المائة الرابعة واستولوا على ممالك الإسلام بأسرها وملكوا ما بين الهند ونهاية المعمور في الشمال وما بين الصين وخليج القسطنطينية في الغرب وعلى اليمن والحجاز والشام وفتحوا كثيرا من بلاد الروم واستفحلت دولتهم بما لم تنته إليه دولة بعد العرب والخلفاء في الملة ثم تلاشت دولتهم وانقرضت بعد مائتين من السنين شأن الدول وسنة الله في العباد.
وكانوا بعد خروج السلجوقية إلى خراسان قد خلفتهم في بلاد بضواحي تركستان وحدود الصين ولم يقدر ملوك الخانية بتركستان على دفاعهم لعجزهم عن ذلك فكان أرسلان خان ابن محمد بن سليمان ينزلهم مسالح على الدروب ما بينه وبين الصين ويقطعهم على ذلك ويوقع بهم على الفساد والعيث ثم زحف من الصين ملك الترك الاعظم كوخان سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة ولحقت به أمم الخطا ولقيهم الخان محمود بن محمد بن سليمان بن داود بن بقراخان صاحب تركستان وما وراء النهر من الخانية وهو ابن أخت السلطان سنجر بن ملك شاه صاحب خراسان من ملوك السلجوقية فهزموه وبعث بالصريخ إلى خاله سنجر فاستنفر ملوك خراسان وعساكر المسلمين وعبر جيحون للقائهم وسارت إليه أمم التتر والخاط وتواقعوا في صفر سنة ست وثلاثين وخمسمائة وانهزم سنجر وأسرت زوجته ثم أطلقها كوخان ملك الترك واستولى على ما وراء النهر.
ثم مات كوخان سنة سبع وثلاثين وملكت بعده بنته ثم ماتت فملكت بعدها أمها زوجة كوخان وابنه محمد ثم انقرض ملكهم واستولى الخطا على ما وراء النهر ثم غلب على خوارزم علاء الدين محمد بن تكش كما قدمناه ويلقب هو وأبوه بخوارزم شاه وكان ملوك الخانية ببلادهم فيما وراء النهر فاستصرخوا به على الخطا لما كثر من عيثهم وفسادهم فأجاب صريخهم وعبر النهر سنة ست وستمائة وملكهم يومئذ كبير السن بصير في الحرب فلقيهم فهزموه وأسر خوارزم شاه ملكهم طانيكوه وحبسه بخوارزم وملك سائر بلاد الخطا إلى أوركندا وأنزل به نوابه وزوج أخته من الخان صاحب سمرقند وأنزل معه شحنة كما كانت للخطا وعاد إلى بلاده.
وثار ملك الخانية بالشحنة بعد رجوعه بسنة وقتلهم وهم بقتل زوجته أخت خوارزم شاه وحاصره بسمرقند واقتحمها عليه عنوة وقتله في جماعة من أقاربه ومحا أثر الخانية وملكهم مما وراء النهر وأنزل في سائر البلد نوابه وكانت أمة التتر من وراء الخطا هؤلاء قد نزلوا في حدود الصين ما بينها وبين تركستان وكان ملكهم كشلي خان ووقع بينهم وبين الخطا من العداوة والحروب يقع بين الأمم المتجاورة فلما بلغهم ما فعله خوارزم شاه بالخطا أرادوا الانتقام منهم وزحف كشلي خان في أمم التتر إلى الخطا لينتهز الفرصة فيهم فبعث الخطا إلى خوارزم شاه يتلطفون له ويسألونه النصر من عدوهم قبل أن يستحكم أمره وتضيق عنه قدرتهم وقدرته وبعث إليه كشلي ملك التتر بمثل ذلك فتجهز يوهم كل واحد من الفريقين أنه له وأقام منتبذا عنهما وقد تواقعوا وانهزم الخطا فمال مع التتر عليهم واستلحموهم في كل وجه ولم ينج منهم إلا قليل تحصنوا بين جبال في نواحي تركستان وقليل آخرون لحقوا بخوارزم شاه فكانوا معه وبعث خوارزم شاه إلى كشلي خان ملك التتر يعتد عليه بهزيمة الخطا وأنها إنما كانت بمظاهرته فأظهر له الإعتراف وشكره ثم نازعه في بلادهم وأملاكهم وبعث خوارزم شاه بحربهم ثم علم أنه لا طاقة له بهم فمكث يراوغهم عن اللقاء وكشلي خان يعذله في ذلك وهو يغالطه واستولى كشلي خان خلال ذلك على كاشغر وبلاد تركستان وساغون ثم عمد خوارزم شاه إلى الشاش وفرغانة واسبيجاب وقاشان وما حولها من المدن التي لم يكن في بلاد الله أنزه ولا أحسن عمارة فجلا أهلها إلى بلاد المسلمين وخرب جميعها خوفا أن يملكها التتر بعد ذلك وخرج على كشلي خان طائفة أخرى يعرفون بالمغل وملكهم جنكزخان فشغل كشلي خان بحربهم عن خوارزم شاه وعبر النهر إلى خراسان ونزل خوارزم إلى أن كان من أمره ما نذكره والله سبحانه وتعالى أعلم.